باحث في الفنون الإسلامية، مدير إدارة التدريب والنشر العلمي ورئيس قسم الزجاج بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة
تتناول هذه الورقة البحثية المظاهر الجمالية للخط العربي ومميزاته من خلال نوعًا من المصاحف الإسلامية صغيرة الحجم يمكن أن نطلق عليها مسمى المصاحف التمائمية، والتي كانت من أهم الوسائل التي لجأ إليها الكثير من الناس لتحقيق أهدافهم في الوصول إلي مأمولهم فهو صالح لكل شيء، وبه يتحقق كل مبتغاً ورجاءً، ولما لا وفي القرآن أعظم المنافع وأعلي الفوائد وأحسن اللطائف وأكمل الخفايا وأفضل الخصائص، فلا ينتهي أحد إلي كُنة أسراره العجيبة، ومعانيه العديدة الفريدة، وفوائده الكثيرة، وفضائله العظيمة لقوله تعالي "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدا" (قرآن كريم، سورة الكهف، آية 109).
ولذلك جاءت المصاحف الصغيرة كتمائم وأحجبة لدرء المخاطر، وكف أذى العين الحاسدة والسحر، وقد ذكر هذا الأمر العديد من الباحثين فمنهم القائل: أن الناس يتحجبون بالمصحف الشريف صغير الحجم وكان يوضع في الجيب، وكان بعض الأغنياء يضعونه في علب صغيرة من الذهب أو الفضة للتبرك.
ولم يقف الأمر عند حد وظيفة هذه المصاحف بل أن المدقق فيها يجد أنها تحمل بين طياتها إبداعًا جديد للفنان المسلم وهو مواصلة الاعتناء بفن الخط العربي بالرغم من وظيفة هذه المصاحف التي لا تجعلها في متناول الجميع للقراءة والتدقيق في جمال كتاباتها إلا أن الفنان أثبت أن لديه قدرة عالية في إظهار براعته وقدرته في تزين هذه المصاحف التي تميزت أغلبها بتنوع خطوطها ربما في المصحف الواحد، حتى وأن كان من يراها عدد قليل من الناس، ولا شك أن هذا الأمر ليؤكد بما لا يدع مجال للشك الحب النابع من شخصية الفنان لممارسة واتقان وتجويد عمله بالشكل الذي يجعله يشعر في قرارة نفسه أنه صاحب فن عنه راضٍ.
وتتميز مجموعة مصاحف الدراسة بوجود أنواع مختلفة من الخطوط مثل خط النسخ والثلث والكوفي والغباري والخط الدارج أو ما يسمي بالقلم الحر.ويتناول البحث مجموعة من المصاحف بعضها يُنشر في هذا البحث
لأول مرة وجميعها محفوظة بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة.وسوف يتضمن هذا البحث مقدمه، ثم دراسة وصفية للتحف يتبعها دراسة تحليلية لما تضمنته من زخارف وعناصر فنية.