أستاذ الخط العربي والنسيج بجامعة حلوان
إن الحروف العربية هي اللبنة الأولى للكلمة التي تتكون منها الجمل والعبارات والنصوص والمواضيع في كافة فروع اللغة، ومن المعلوم أن اللغة العربية بصورتها الكلامية والبلاغية المنطوقة كانت موجودة بقوة قبل الإسلام، فلما نزل الوحى بالقران الكريم على آخر الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليهوسلم بلسان عربي مبين وبلغة عربية معجزة ليس في نطقها وبلاغتها فقط بل في كتابتها أيضًا، قال الله تعالى "إنا أنزلناه قرءاناً عربياً لعلكم تعقلون" سورة يوسف آية 2، فأصبح كتاب الله القرءان ذي الذكر قراءة وكتابة محفوظ بحفظ الله جل شأنه لقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" سورة الحجر آية 9، وأصبحت القراءة والكتابة فيه وقف من الله تعالى، ومن أعظم ما يؤيد ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان له بوحي من الله كتابًا للوحى وصل عددهم 26 وقيل 42 كاتبًا وعلى رأسهم زيد بن ثابت الذي تولى جمع القرءان في عهد الصديق رضى الله عنه ، وبالتبعية أصبح المفترض أن اللغة العربية بدورنا قراءة وكتابة تكون أيضاً محمية ومحفوظة باقتدائنا واتباعنا لمنهج الله في تعهده بحفظ كتابه وعدم إعطاء الفرصة للبعض بالبعد والشطط بصورة فجة عن هذا المنهج وتطبيقه في لغتنا العربية المتداولة الآن قراءة وكتابة.
وفي هذا البحث نعمل على إلقاء الضوء لبعض جماليات وفلسفة ارتباط شكل الحرف العربي بمعناه الرباني أي المعقول للوقوف عليها وذلك من أجل إلقاء الضوء على محاولات البعض المستميتة لإقحام جماليات وفلسفات بشرية أي غير المعقول، والتي تعمل على ضياع القيمة والعظمة والجمال الحقيقي وأشياء أخرى كثيرة التي حباها الله تبارك وتعالى للحرف العربي، حتى لا تكون عاملاً رئيسيًا في إضعاف وتشويه وتشتيت الحرف والكلمة والنص كله تحت مزاعم واهية.